منتديات زيزو هاكات وشفرات ألعاب وبرامج
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
صفحتنا على الفيس بوك

الحج والمرأة القدوة

اذهب الى الأسفل

الحج والمرأة القدوة Empty الحج والمرأة القدوة

مُساهمة من طرف أبو مصعب 2007-12-17, 10:20

الحج والمرأة القدوة








تطُلُّ علينا أيام ذي الحجة لتستدعيَ أحداثًا عِظامًا، شكَّلت مقومات عبادةٍ تضرب بجذورها في عمق تاريخ الرسل الكرام، منذ إبراهيم الخليل عليه السلام حتى نبينا محمد- صلى الله عليه وسلم-، مؤكدةً أواصر الصلة بينهما، وعمق التضحية وصياغة مسيرة الأمة المسلمة.



لقد حطَّ رحل إبراهيم- عليه السلام- وزوجه ووليده في مكة، ذلك القفر المجدب، تتلفت هاجر رضي الله عنها فلا تجد إنسًا، ولا تكاد تسمع همسًا، صمت مريب، وسكون عجيب، وخلاء مُوحِش، تنظر بعيدًا فإذا الأرض تتصل بالسماء، ولا تتحرك الأشياء، بل ركود وجمود، يزيد الأمر وحشةً ورهبةً أن زوجها تاركها لا محالةَ؛ إذ يعود إلى قومه يساورها الظنون فيما فعل بها الزوج، وأي حياةٍ تلك التي ماتت فيها الحياة قبل أن تجيء؟!.. كيف تتجاذب مع جبالٍ شامخاتٍ، مع ظلمة الليل لن تكون سوى سواد قاتل؟!.



إنها- بلا شك- حالكة، ما ظن امرأةٍ مثلها بزوج يدعها ووليدها في مجاهل لا شك مميتة؟!، ولكن ماذا عساها أن تفعل وما رأت فيه- عليه السلام- إلا الخير؟!، ولكنها كلما تصورت أنه تاركها يكاد يحترق قلبها هلعًا وفزعًا.. همَّ إبراهيم- عليه السلام- بالعودة، وما كان لها أن تخالف زوجًا نبيًّا تثق بما أقدم عليه، وما أن سار خطواتٍ حتى هرعت إليه، مستوثقةً من حقيقةِ أمرها وبقائها: أعن نيةٍ وقصد، أم لمجرَّد الإبعاد؟!، ولأنها امرأة رِساليِّة أبت إلا أن تلقى ما لقت خالصًا لله- سبحانه وتعالى-، وليكن ما يكون؛ فأمره كله سبحانه إلى خير.



أسرعت- عليها السلام- تُمسك بإبراهيم عليه السلام: "آلله أمرك بهذا؟".
إذ لا يمكن أن يكون هذا أمرًا عاديًا، فما يُطيقه بشر، ناهيك عن امرأةٍ، فيرد- عليه السلام-: "نعم".. هنا تسكن عواطفها، وتهدأ جوانحها، ويتبدد الخوف، ويذهب الهم، وتطمئن النفس المترددة، مُطَمْئِنَةً زوجًا- لا شك- قد اعتراه ما يعتري أي زوج وأب في الفطرة الإنسانية السليمة: "إذن فلن يضيعنا الله أبدًا"؛ لتُزيد حقيقةٌ أطلقتها- بكل ثقةٍ- في نفس إبراهيم عليه السلام اطمئنانَه وثقتَه بما وعدَه ربُّه.



وهنا تتجلى قدرة المرأة على تحمُّل الصعاب التي قد لا يُطيقها رجل ما دامت مؤمنة بما كُلِّفت به، وحَملت تبعاتِه.



إن المرأة عندما تثق في رسالية الغاية، وسموِّ القصد، ونبل الهدف فإنها تدفع في سبيل تحقيق كل ذلك ليس أمنها واستقرارها بل حياتها رخيصةً في شموخٍ وعزةٍ.



وأمُّنا هاجر- عليها السلام- مضت في الفقر المُجْدِب حتى نفد الماء، لم تندب حظًّا عاثرًا، ولم تأسى على ما هي فيه، ولم تجلس منتظرةً ألا يضيعها الله بلا كد وبذل جهد، بل استفرغت ما في وسعها؛ بحثًا عن الماء في جو قائظ، وسراب مُغْرٍ، غير مبالية بشمسٍ مُحرِقة، وصخور مُلهِبة مع واديها السحيق.. لا شيء يتحرك إذن، فلتستشرف حياةً خلف تلك الجبال؛ لعلها يتبين لها أناس من عَلِ، صعدت الصفا تتأمل من جميع جوانبه حتى إذا لم تجد شيئًا نزلت غير يائسةٍ ولا مُتبرِّمة، بل تجرُّ أقدامها المُتعَبة؛ لعل خلف المروة هنالك حياةً.



تكاد تتثاقل خطاها، لكنها سرعان ما تهرول مسرعةً، حتى إذا أخذها التعب عاودت الخطى ثانيةً هادئةً متهادية، تنظر إلى المروة ولا يأخذها التعب؛ فربما خلفه تكون حياة، لم تتوانَ أو تتكاسل بعد شوطٍ أو اثنين، لم تيأس قط، أخذت تتحرك بين الصفا والمروة باحثةً عن وافد أو مارٍ؛ لعل غيثًا معه، يردُّ بعض الظمأ، لكنها في كل مرة لا تجد أحدًا مهما أمعنت النظر، وهي مستعينة بالله مستغيثة به، ومع نهاية شوطها السابع ونزولها إلى الصفا للمرة الثامنة.. مع أولى خطواتها إليه ترقب وليدها هنالك في الوادي فإذا الماء يتدفق من تحت قدميه، إنه مددٌ السماء، إنه عون الله القادر، لم يكن الغيث منه رعدًا ولا برقًا ولا سيلاً، لكن بمَعِين تؤكد استمرار الحياة، واستجابة الله لدعوة نبيه، وتصديق الله لها إذْ لن يُضيِّعها أبدًا.



وتبدأ الحياة لتبدأ مسيرة أمة تمتد إلى قيام الساعة، وتكون قصة البداية بامرأةٍ تتحمل عبء تكوين هذه الأمة في هذا المكان الطاهر، ويكون التكريم تشريع خُطًى ليصبح من نسك عبادة أمة لا ينقطع حتى تقوم الساعة، ولا تُؤدَّى حتى تستدعيَ في الذاكرة امرأةً هي أول مَن سعى بين الصفا والمروة؛ لتكون هي المرأة القدوة.
أبو مصعب
أبو مصعب
جندى متدرب 2
جندى متدرب 2

Total posts : 22
Age : 33
Location : كفر الزهايرة
Reputation : 1
Registration date : 05/12/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى