مصر بتتقدم بيهم.. هأ هأ هأ!!

مصر بتتقدم بيهم.. هأ هأ هأ!!






كتب: أبو محمود



مصر بتتقدم بينا.. شعار الحزن الوطني في مؤتمره التاسع، وقد صاغه عباقرةُ الإعلام في لجنة السياسات، التي تحكمنا منذ فترة، كما يعلم الجميع، والمضحك أن يأتي بلغة عامية ساذجة ورخيصة تذكِّرنا بلغة الأغنيات الشبابية الحديثة؛ من حيث الانحطاط في ثقافة كاتبيها، أو مُتقيئيها إن تحرينا الدقة، وكذلك الانحطاط في المعاني التي تحتويها، ولعل القارئ الكريم- أعزه الله- يتذكَّر كلمات مثل: "أركب الحنطور واتحنطر.. عيلة واطية وكدابة.. باحبك يا حمار.. إلخ"!!.



وإذا تذكرنا الفوبيا واللوبيا والهستيريا والبستيريا، التي تصيب صنَّاع القرار وكتَّاب القرار والمصفِّقين للقرار في بلادنا من شعار (الإسلام هو الحل) نتعجَّب من صمت المتكلمين منهم وخرسهم اليوم من هذا الشعار الباهت والعدائي والمستفزّ!!.



فكونه باهتًا لأنه لا معنى حقيقةً لمضمونه السياسي الحزبي؛ فالمفترض أن البلاد تنهض وتتقدم بجهود أبنائها جميعًا، والأحزاب الوطنية الحقيقية هي التي تستنهض جموع الشعب أو الأمة لتحقيق برامجها، ولا يجوز أن يحتكر حزب ما- في مجال المنافسة والسجال السياسي- البلد، لاغيًا باقي أفراد الشعب، ومن هنا يظهر الوجه العدائي لهذا الشعار.



كما أن هذا الشعار ما هو إلا فخرٌ أجوف، لا يقدم دليلاً على ما يدَّعيه، والأحزاب والسياسيون حينما يقدمون أنفسهم من خلال شعار ما، يتحرَّون الدقَّة والبراعة اللغوية التي تعبِّر عن فلسفة الحزب أو أهم ما سيركِّز عليه في المرحلة، أو الجديد الذي يتبنَّاه ويميزه عن غيره من الأحزاب.. إلى غير ذلك.



ونُحيْلُ السادة القرَّاء إلى كتابات رؤساء تحرير الصحف القومية، وأيضًا كتابات أعداء الفكرة الإسلامية بالحق أو بالباطل التي شنَّعوا فيها على شعار (الإسلام هو الحل)، ومحاولة تطبيق نقدهم على شعار (مصر بتتقدم بينا)، أو يرسلوا إلى هؤلاء الكتَبة أنفسهم لأخْذ رأيهم الشخصي قبل أن تصلهم الإجابات من لاظوغلي!!



كل ما سبق لا يعنيني من قريب أو بعيد، ولكن ما يثير غيظي وغيظ أي مصري هو ذلك الاستفزاز العبيط جدًّا في هذا الشعار، فأين هو هذا التقدم الذي تتقدمه مصر- لا مؤاخذة- منذ أن تربَّع على قلبها هذا الحزب؟!



هل يقصدون بالتقدم خاتم الخطوبة الذي قدَّمه عريس الحزب وتحدَّثت عنه الصحف، وقالوا إن ثمنَه تعدَّى المليون جنيه؟!



إن التقدم الحقيقي الذي حقَّقه الحزب الوطني الديمقراطي تلخِّصه وتُبَلْوِره وتبرزه قصة كتبها "عاطف أبو الخير" في جريدة (الجمهورية) الحكومية القومية- وليست جريدة معارضة أو مستقلة أو بنت ستين في سبعين- تحت عنوان:



الأستاذ.. عامل زراعي

وذلك في صفحة القضايا في العدد الأسبوعي يوم الخميس 22 رمضان الموافق 4/10/2007م، والقصة الواقعية تحكي مأساة شاب يُدعَى "محمد رمضان" عمره 37 سنة يعمل مدرسًا ثانويًّا، يدرِّس المواد الزراعية، لم يكفِه راتبه الهزيل، وتراكمت عليه الديون، ولاحَت له فرصةُ عمل بإحدى الدول العربية، ولكن كعامل زراعي وليس كمدرس.



فوجد المسكين في السفر فرصتَه الأخيرة، ولكن كان عليه أن يغيِّر وظيفته من مدرِّس إلى عامل زراعي، فاضطُّرَّ للتزوير ليستخرِجَ أوراق السفر بالمهنة الجديدة، أو بمعنى أدقّ يتخلَّص من مؤهله الذي قضى من عمره 16 سنة كاملةً ليحصل عليه!



فأُلقِيَ القبض عليه بتهمة التزوير، وأُحيلَ إلى النيابة، التي استعملت معه الرأفة وقرَّرت إخلاء سبيله بضمان وظيفته كمدرس ثانوي!!



هذه القصة ليست فريدةً؛ فآلاف الآلاف من خيرة شبابنا يلهثون وراء السفر، ويحلمون به ليل نهار، رغم علمهم أنهم سيعملون في الغربة بأعمال لا تليق بمؤهلاتهم التي أنفقوا في سبيل تحصيلها أعمارَهم وأموال أهاليهم الغلابة، وأموال وثروات البلد.. إنه بكل بساطة التقدم الذي حقَّقه الحزب الوطني لمصرنا الغالية ولشبابها.



ودائمًا مصر بتتقدم بيهم.. ولم لا؟ أليسوا هم أصحاب العبَّارات والمبيدات وأكياس الدم ومحتكري الحديد والإسمنت والدقيق المسوس المسرطن، وأيضًا أصحاب الزيجات المليونية؟!!