منتديات زيزو هاكات وشفرات ألعاب وبرامج
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
صفحتنا على الفيس بوك

في الحج تتجلى المساواة قيمة عليا

اذهب الى الأسفل

في الحج    تتجلى المساواة قيمة عليا Empty في الحج تتجلى المساواة قيمة عليا

مُساهمة من طرف أبو مصعب 2007-12-16, 11:08

في الحج
تتجلى المساواة قيمة عليا
قال تعالى: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم إنّ الله عليم خبير) (الحجرات: 13).

يكفيني قول ربي: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى ...)، كي أطمئن، ولا يبقى لدي أي تردد في الجزم بأن دين الإسلام، الذي أنزلت آياته على أمين الأرض الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، هو الدين الحق الصالح لإنقاذ الإنسان في كل زمان ومكان، وأنه الهدي النهائي لحياة البشر فوق الأرض، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها .. وأنه إشراقة الضياء في تاريخ البشرية، اختتم الله به تعاليم السماء إلى الأرض، جاعلا ً فيه من المرونة والشمول والاستيعاب، ما يجدد به حياة الناس وفق هدي لا تفوقه صغيرة ولا كبيرة من أثقال الناس وهمومهم واهتماماتهم، إلا وفصل أو أوجز فيها القول الفصل، لتجيء حروف النور، تجري في دم الإنسان مادة تُوائم ما بين قيمة الأرض وقيمة السماء، لتكون نضاراً من سلام، مذخوراً ما بين الروح والجسد.

فيا مرتجي الفهم الحق، عرّج بنا على عبادات هذا الدين، لتلقاك بأعينها، التي آلت على نفسها بهدي من ربها على ألا تدعك تمر من بين ثنايا الحياة، إلا وقد عطرك شذا تمرينها المستمر، بكل ما هو زينة وتفاخر وافتخار بالقيم والسلوكيات، التي تورثها في جوانحك وعقلك وقلبك تلك العبادات، التي هي سلاح الآدمي المهتدي ذو الحدين: حدّ الصلة والاتصال بالسماء، اللذين يهبان الطمأنينة والراحة القلبية والنفسية لهذا الآدمي، وحدّ السلوك الباحث عن التعايش مع الآخر، من خلال قيم العدل والشورى، وحقوق الإنسان والحرية والمساواة.

المساواة..؟ .. قالها وقد ازدهت دنياه بعطرها، فهي بنت تلك العبادة الفذة (الحج)، إنها حلمٌ يراود كل الحقول اليانعة الخضرة، المقبلة على الإنسان، فتهفو النفوس المنتشية بالصلاة والزكاة والصيام إلى إنجاز هذا الحلم، إذ كانت المساواة أميرة السّارِين إلى مكة، يرنون بأحداقهم إلى عرفات الله ومنى الله، لا يفرق بينهم غنىً ولا فقرٌ، ولا يمايز بين صفوفهم جاه ولا مركز، ولا يباعد بين أمانيهم وجهدهم وجهادهم لون ولا عرق، ولا تحرمهم مسافات المكان من تَعارُف الأرواح، وتوحد الأهداف، ولا تعوقهم اختلافات الحروف عن توحيد اللغة، واجتماع اللسان واللهجة حول (لبيك اللهم لبيك) تنطلق بعربية القرآن، واحدةً على كل الألسن، لتجمع القلوب والأجساد والغايات باتجاه واحد، يبتغي مرضاة الله وانتصار الحق، الذي جاء به نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وتستهويها أنهار من عسل مصفى، وأنهار من خمر لذة للشاربين، ليس فيها غول ولا كدر، بل هي تدفع باتجاه إنشاد ملاذات آمنة فوق الأرض، تحدوها النظافة، ويعبق من أذيالها فوح الحنين إلى الفطرة الإيمانية التعايشية، التي فطر الله الناس عليها: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا ...).

آه ما أروع المنظر..! إذ تعبر الجموع من هنا، من عند البيت العتيق، لتداني روابي منى وعرفة، وهي تلهج بقول واحد ينبض به قلب واحد، وهدف واحد (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك) نداء لو انسجم معه كل المخلوقين من الناس، لكانت المساواة حقيقة واقعة على الأرض، ولكان السلام - حلم هذا الإنسان - عطر الكلام، وفيء الأشجار، تراب الأرض، وزهر الحقول، وزينة الشوارع، ونور العيون، يعبق منها الحب، فينشر شذاه فوق كل البقاع المنهكة اليوم: بالبعد عن الله، وباتخاذ عذابات الإنسان، واضطهاد القوي للضعيف، سبيلاً للفخار واختراق الزمان .. وذلك يومَ استدار الزمان بالإنسان، فأعطى هذا قياده بعيداً عن آي الله القائل: (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة، وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً، واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام، إن الله كان عليكم رقيباً) (النساء: 1).

وبعيداً عن توجيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الناس سواسية كأسنان المشط الواحد لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى) وقوله صلى الله عليه وسلم: (الناس عيال الله أحبهم إلى الله أنفعهم لعياله).

ولا زال النداء يجلجل في أرجاء الدنا من يوم أن أُمر أبو الأنبياء (إبراهيم) عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، بأن يؤذن في الناس بالحج: (وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق)، ولا زال عبق النداء ينسل من بين رمال صحراء مكة، ليعانق الصدور العامرة بالإيمان، وليُعدَّ القوافل تلو القوافل، حاملة الحلم والأمل، الحلم الذي - كما قلنا - يظل يراود البشر بالسلام والعدل، والأمل الذي يزهر في أفق الأجيال مساواة خضراء، خالية من العدوان والظلم، مفعمة بخضرة الإنسان التي تصنعها عبادة الحج، واقعاً معاشاً، ودورة مجدٍ، تصدح بها هامات الربا من مكة وعرفة ومنى والمزدلفة، لتجمع الناس بألوانهم ومراكزهم وأعراقهم على صعيد واحد، وليشهدوا ما غفلت عنه أعينهم وعقولهم زمناً طويلاً أو قصيراً، من أنهم أبناء أب واحد وأم واحدة، ترابهم واحد، ودمهم واحد من الأحمر القاني، ليس فيه أزرق ولا أخضر. فها هم يقدمون من آخر الدنا، أو من أدناها، فلا يجدون فروقاً تبعثرهم، ولا علامات تميزهم، ولا ألسنة تمزق جمعهم، كلهم يطوفون بيتاً واحداً، ويسعون على صعيد واحدٍ، ويلفون أجسادهم برقاع متماثلة، تذيب اللون، وتقمع الكبر، وتنثر اللقاء الموحد، في عجيبة من عجائب العبادة الربانية، التي تتجاوز الأشكال والحركات، لتستقر في القلوب والعقول والأفكار والسلوك. ومن لم ينفعه المشهد، فأسكن في فعاله وأعماله وأفكاره وسلوكه حسنَ ذلك المشهد، فقد رجع بخفي حنين، أو قل بالفراغ يلتهم حياته، والجدران المظلمة السميكة، المصنوعة من عولمة الغالب فيها هو الكبر والظلم والعدوان، فهي تحيط بأفقه، ليمتنع عنه سنا النور الذي يضيء الطريق إلى نهاية كل حي.
أبو مصعب
أبو مصعب
جندى متدرب 2
جندى متدرب 2

Total posts : 22
Age : 33
Location : كفر الزهايرة
Reputation : 1
Registration date : 05/12/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى